هكذا عبر عمارة محمد الماجري، أحد المقاومين التونسيين زمن الإستعمار الفرنسي، عن حسرته بعد تجاهله في كافة المحافل الوطنية بلا تكريم ولا تثمين لما أسماه “عملا لصالح الوطن لا لصالح الأشخاص”.
عمارة محمد الماجري هو مقاوم تونسي من أبناء الحزب الدستوري التونسي مولود في 14-09-1936 بتونس وانخرط بالحزب س 1952 بشعبة باب سويقة في عمر ال17 كأصغر عضو في ذلك الوقت وفق قوله.
في فترة الإستعمار..
وكان ينتمي عمارة محمد الماجري لمجموعة التخريب بالعاصمة ضد المستعمر الفرنسي ورمي وسائل النقل (الترامواي) بالقنابل اليدوية.
وفي شهر ديسمبر سنة 1952 أطلق عليه النار من طرف البوليس الفرنسي، حيث استشهد بجانبه عبد الرزاق الشرايبي وأصيب هو برجله اليمنى (لازالت آثار الإصابة شاهدا على ذلك) وله هذا الأخير نهج باسمه بجانب نزل أفريكا بالعاصمة.
وفي حديثه عن فترة نضاله ما قبل دحر المستعمر الفرنسي، قال الماجري إن السلطات الفرنسية آنذاك جلبت جيشا مختصا من المغاربة مختصون في حرب الجبال للقضاء على الثوار التونسيون في الجبال وهم لا يلبسون الزي العسكري بل يلبسون “قشاشب وعمايم” على رؤوسهم ولا يتكلمون العربية ويتجولون بالعاصمة بين خمسة أو أربعة أفراد، وكلف هو وزملائه بالحزب في ذلك الوقت بتتبعهم، فكلما دخلوا مقهى أو شربوا مبردات كانوا يقولون لصاحب المحل حينها عدم أخذ المبلغ منهم وكانوا يشيرون لهم بالأيادي على أنهم إخوة وفق قوله، وأتى هذا التصرف أكله في استدراجهم.
عمارة في فترة إبان الإستقلال..
ووقع تكليف عمارة محمد الماجري بالشبيبة الدستورية بشعبة باب سويقة برتبة ملازم اختصاص مقاومة المخدرات بالمنطقة كما وقع تكليفه بالإشراف على مكتب انتخاب المجلس التأسيسي مكتب عدد 05 بباب الخضراء وفي 01 جوان 1956 وقع إرساله مع بعض من المناضلين والمقاومين إلى ولاية جندوبة تحت قيادة القائد محجوب بن علي لاستتباب الأمن وردع الخارجين على القانون، نظرا لوقوع فوضى في بلاد لعدم وجود سلطة قائمة بالتحوّل في وسط البلاد والجبال لكي يشعر المواطن بالاطمئنان، وكان ذلك وفق قوله تحت قيادة القائد محجوب بن علي.
بعد الإستقلال التام…
وأضاف إنه في فترة ما بعد الاستقلال وقبل خروج كل جنود الجيش الفرنسي من التراب التونسي، تحديدا في الشهر التاسع من 1956 انتقلوا إلى حمام الأنف للتعرض لكوكبة من الدبابات الفرنسية آتية من ثكنة بوفيشة و متوجهة للعاصمة، فاعترضوهم وفق قوله أي تفرقوا في الشارع الرئيسي قرب قصر الباي بتعليمات من القائد محجوب بن علي وعند قدوم الكوكبة وسط حمام الأنف، قاموا باغتنامهم وصعدوا فوق الدبابات و جردوا كافة الجنود من أسلحتهم.
وأفاد محدثنا إنه في ذلك التاريخ تكون الحرس الوطني وبدأت فرنسا بتسليم مراكز الجندرمة والبوليس إلى السلطة التونسية فتسلم عمارة محمد الماجري ورفاقه مركز المرور بجرزونة في 17-12-1956 ومركز منزل جميل بولاية بنزرت وفي شهر فيفري 1957 انتقلوا عن طريق البحر إلى جزيرة جالطة صحبة القائد محجوب بن علي ومحمد الجونيدي وتسلموا مركز الجندرمة هناك والبيت الذي كان منفي فيه الراحل الحبيب بورقيبة.
وسنة 1961 عندما كان يعمل بالكاف، تمكن الماجري وفق ما أكده، من القبض على اثنين من المظليين كانت أنزلتهم طائرة فرنسية وكان لديهم ألغام لزرعها في التراب التونسي وذلك بواد الرمل بين الكاف وساقية سيدي يوسف.
وما شارك محدثنا في معركة بنزرت حيث أطلعنا على عدة أوسمة وشهائد تقدير.
كما ساهم في استتباب الأمن أثناء محاولة الإنقلاب الذي أراد أن يقوم به القائد لزهر الشرايطي سنة .1936
وفي ختام حديثه عما تحفل به مسيرته من نضالات لمصلحة الوطن لا الأشخاص وفق قوله، عبر عمارة محمد الماجري عن شديد حسرته من تجاهله في كافة المحافل الوطنية بلا تكريم ولا حتى لفتة رمزية تثمن مجهوداته كواحد من مؤسسي سلك الحرس الوطني، كملازم في أول دفعة للسلك.